السينما الكورية: من البدايات المتواضعة إلى الريادة العالمية

تُعد السينما الكورية الجنوبية اليوم واحدة من أكثر الصناعات السينمائية تأثيرًا وابتكارًا على الساحة العالمية. رحلتها بدأت في أوائل القرن العشرين، لكنها شهدت تطورات وتحولات جذرية جعلتها تتبوأ مكانة مرموقة في عالم الفن السابع.

البدايات والتحديات

في أعقاب الحرب الكورية (1950-1953)، بدأت صناعة السينما في كوريا الجنوبية بالتعافي، وشهدت فترة ازدهار في الخمسينيات والستينيات، حيث تم إنتاج أفلام تناولت مواضيع اجتماعية وثقافية متنوعة. ومع ذلك، واجهت الصناعة تحديات كبيرة في السبعينيات والثمانينيات بسبب الرقابة الصارمة والأنظمة العسكرية، مما أدى إلى تراجع الإنتاج وتقييد حرية التعبير.

النهضة السينمائية

Ad image

مع التحول الديمقراطي في التسعينيات، بدأت السينما الكورية في استعادة عافيتها. ظهرت أسماء بارزة مثل إيم كوان-تيك، الذي قدم أفلامًا تعكس التراث الثقافي الكوري، مثل فيلم “Sopyonje” عام 1993، الذي استكشف الموسيقى التقليدية الكورية بعمق شعري. كما ساهمت الحكومة في دعم الصناعة من خلال سياسات تشجيعية، مثل فرض حصة لعرض الأفلام المحلية في دور السينما، مما أعطى دفعة قوية للإنتاج المحلي.

الانطلاق إلى العالمية

شهدت بداية الألفية الجديدة بروز مخرجين مثل بارك تشان-ووك، الذي أثار الانتباه بأفلامه ذات الطابع البصري المميز والمواضيع المكثفة، مثل “Oldboy” (2003) الذي فاز بجائزة الجراند بري في مهرجان كان السينمائي. كما برز المخرج بونغ جون-هو بفيلمه “Parasite” (2019)، الذي حقق إنجازًا تاريخيًا بفوزه بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم، ليكون أول فيلم غير ناطق بالإنجليزية يحصل على هذه الجائزة.

التنوع والابتكار

تتميز السينما الكورية بتنوع مواضيعها وابتكارها في السرد البصري. من أفلام الرعب مثل “A Tale of Two Sisters” (2003) للمخرج كيم جي-وون، إلى أفلام الإثارة مثل “Memories of Murder” (2003) لبونغ جون-هو، تُقدم السينما الكورية تجارب فريدة تمزج بين الترفيه والتأمل في القضايا الاجتماعية والإنسانية.

Ad image

الحضور العالمي

لم تقتصر النجاحات على الجوائز، بل امتدت إلى شباك التذاكر العالمي. أفلام مثل “Train to Busan” (2016) حققت نجاحًا كبيرًا، وأظهرت قدرة السينما الكورية على جذب جمهور عالمي. كما ساهمت المنصات الرقمية في توسيع قاعدة المشاهدين، مما جعل الأفلام الكورية متاحة لجمهور أوسع حول العالم.

Leave a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *