تعرف جمهور السينما على فيلم الأكشن والإثارة «Plane» لأول مرة من خلال عرضه الدعائي المثير للمفاجأة، وكان الكشف عن العنوان هو الأكثر غرابة في الذاكرة الحديثة، حيث ظهرت 5 حروف بسيطة على الشاشة تقول: «Plane- طائرة»، وحقيقة أنه لا علاقة له بالطائرة على الإطلاق، باستثناء أول بضعة ثوان، وفي مفاجأة لم يكن للطائرة المذكورة دور كبير ومهم بالفيلم فحسب، لكن أيضا حكاية «جان فرانسوا ريتشيت» حول رحلة طائرة تعرضت لظروف غير متوقعة، والهروب اللاحق من غابة فلبينية تعج بالمسلحين، تمت صياغتها بكفاءة عالية وتقدم فيلما ممتعا للغاية.
قد يحاول التسويق أن يروج لفيلم أكشن، ولكن تمت موازنة «Plane» بشكل مدهش، مع تقديمه نظرة سينمائية واقعية جدا حول الطائرة وركابها بشكل مشابه لنهج بول غرينغراس مع فيلم «United 93»، بداية من الأدوات، ووصولا إلى عملية الصعود على الطائرة وطيرانها، لكن على عكس «United 93»، فإن «Plane» ليس مبنيا على ٩قصة حقيقية، ويصبح هذا واضحا عندما يدرك قبطان الطائرة برودي تورانس (جيرارد باتلر) فجأة أن هناك سجينا خطيرا على متنها، وهو لويس غاسباري (مايك كولتر) الذي يتم نقله من مقر تورانس في سنغافورة إلى الولايات المتحدة لأنه مطلوب بتهمة القتل، وهنا تبدأ الدراما، إذ يبدو أن هناك شيء سيء على وشك أن يحدث، حيث يحاول «تورانس» الوصول إلى ابنته المراهقة في هاواي لقضاء العام الجديد سوية.
لكن وجود «غاسباري» ليس هو المشكلة، حيث يتبين أن المشكلة الرئيسية هي ضربة حظ سيء مصحوبة ببعض أعمال الصيانة الرديئة مما يجعل رحلة طيران «Trailblazer 119» ضعيفة أمام العوامل الجوية، ونتيجة لذلك تحصل اضطرابات شبيهة بمسلسل «Lost» مما يضطر الطائرة للهبوط على جزيرة جولو في الفلبين، ومع هذا الهبوط يتعرض المارشال الجوي الذي يرافق السجين للإصابة، ويجد طاقم الطيران والركاب الناجون أنفسهم من دون راديو ويضطرون لتقنين طعامهم، لكن على عكس الأشباح والوحوش الدخانية في مسلسل «Lost»، فإن تفسير وتحليل الأشرار في «Plane» الذين يختبئون في أعماق الغابات أكثر سهولة، فهم بشريون مسلحون يحبون اختطاف الأجانب، لكن دوافعهم تبقى غامضة.
لا يتم توضيح الجغرافيا السياسية للفيلم بشكل صريح، مما يجعل الأمر غريبا عندما ترسل شركة الطيران «Trailblazer» المهتمة بالحفاظ على صورتها فريقها الخاص من المرتزقة من دون تفسير (معظمهم أميركيون) للمساعدة في إنقاذ الناجين وتجنب كارثة العلاقات العامة، وهنا يظهر صراع ضمني بين الغرب وآسيا، وتصبح الأمور أكثر وضوحا عندما نكتشف أن لدى كل من «تورانس» الأسكتلندي و«غاسباري» الأميركي، اللذين يتغلغلان في الغابة بحثا عن المساعدة وينتهي بهما المطاف مسلحان حتى قمة رأسيهما، لكن نادرا ما يكون للواقع أهمية في فيلم من إخراج ريتشيت، الذي يحول المسلحين المتشددين إلىشخصيات تبدو خارجة من لعبة فيديو ثنائية الأبعاد يستحقون القتل بسبب قسوتهم المتأصلة التي تهدد الركاب الغربيين.
ومع ذلك، لا يركز المخرج ريتشيت على العنف في القصة بقدر ما يركز على إنهاء التوترات، حيث يدخل «تورانس» و«غاسباري» المجموعة الأكبر ويخرجان منها بشكل متكرر، فيراقبان أحيانا بلا حول ولا قوة من بعيد عندما يتولى المسلحون السيطرة، وينخرطان في أوقات أخرى بالقتال فيتعرضان للضرب إلى حين وصول الدعم، تتكشف الحبكة الأولية بشكل مبسط التي نادرا ما تدعمها أي موسيقى تصويرية، مما يرغم «باتلر» على أن يكون المحور العاطفي للفيلم وسط محاولات لإيصال الرسائل إلى غرفة اجتماعات شركة «Trailblazer» لكن واقعية «Plane» لا تصبح رادعا لمشاهدته، فهو يبني أيضا نحو مشاهد قتل هي الأكثر إرضاء في الذاكرة الحديثة.
مع تمثيله بأفلام مثل «Geostorm» و«Den of Thieves»، أصبح باتلر نجم أكشن موثوقا به، والذي يحافظ على ما يكفي من الشدة والحماس ليقنعنا بقصة على الرغم من أنها تفتقر إلى أي أبعاد أخلاقية حقيقية، إلا أنها على الأقل تعطي شعورا من الإلحاح والخطر، إن «تورانس» شخص مباشر كل ما يريده هو حماية ركابه والعودة إلى ابنته، حتى لو كان ذلك يعني اتخاذ قرار محفوف بالمخاطر وإطلاق سراح «غاسباري» وطلب مساعدته، لكن هذه القصة الغامضة، والتي يتم فيها الحكم على إنسانية «غاسباري» ولا يتم الاعتراف بها إلا بشروط، سرعان ما تنتسى لصالح المعارك النارية، وتتحول إلى قصة رجلين في مهمة.

