زخم الإنتاج السينمائي المغربي خلال سنة 2024

عرفت السينما المغربية خلال عام 2024 حيويةً استثنائية، تجلّت في تنوع الإنتاجات وتوسع مكانة المغرب كوجهة مفضّلة لتصوير الأعمال الدولية، إلى جانب تطوير ملموس في السياسات الحكومية الداعمة للقطاع. وقد أسهم هذا الزخم في رسم معالم جيل جديد من المبدعين والرؤى السينمائية.

هذا العام، بلغت عدد الأفلام الروائية الطويلة المنتجة داخل البلاد 27 فيلماً: 11 منها إنتاج ذاتي و16 مدعوماً من صندوق الدعم السينمائي، ما يعكس انفتاحاً واضحاً على المواهب الشابة ورغبة في تجديد الخطاب السينمائي المغربي مع الإبقاء على جودة المحتوى .

وكانت الاستثمارات في القطاع حينها قياسية، إذ تجاوزت 756 مليون درهم، وهو رقم غير مسبوق يدل على الثقة المتنامية للمستثمرين في البنية التحتية الوطنية، رغم استمرار تحديات في مجالات التوزيع واستغلال الأعمال .

وعلى الصعيد الدولي، تجاوزت الاستثمارات الأجنبية في السينما المغربية حاجز 1.24 مليار درهم، مدفوعة بتنوع مواقع التصوير، وكفاءة الكوادر المحلية، وتفعيل آليّة (Cash Rebate) لجذب المشاريع الأجنبية في قطاعات الأفلام والإعلانات والبرامج التلفزيونية .

Ad image

أما الدعم العمومي فكان قد توسّع ليشمل أكثر من 73 مليون درهم مخصصة لمشاريع في جميع المراحل؛ من الكتابة إلى ما بعد الإنتاج، مع إعطاء أهمية خاصة للأفلام الوثائقية والثقافة الحسّانية الصحراوية، ما يساعد على النضج الفني وتحقيق التفاعل مع الجمهور .

وفيما يخص الإنتاج التلفزيوني، شهد القطاع قفزة في الجودة والميزانيات، حيث أعلنت الجهات المعنية عن تخصيص 240 مليون درهم للمسلسلات و”السيتكومات”، مع تعزيز الكتابة الدرامية والتكوين داخل شركات الإنتاج، ما انعكس إيجابياً على المحتوى الموجَّه للجمهور المحلي والخارجي .

إضافة إلى ذلك، واصلت الأفلام المغربية حصد جوائز في المهرجانات الدولية، بينما ظل التنظيم المحلي للتظاهرات السينمائية قوياً بفضل دعم المركز السينمائي المغربي، مما ساهم في ترسيخ مكانة المغرب كمركز ثقافي ذي حضور فاعل في المحافل العالمية .

مع ذلك، تبقى هناك تحديات مطروحة على الطاولة وتتطلب استراتيجيات مدروسة؛ من هيكلة توزيع الأفلام وتحسين ظروف العمل للمهنيين، إلى الاستثمار في القاعات السينمائية، وتعزيز التكوين الفني والتقني، واستكشاف أدوات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن دعم الإنتاجات المشتركة وفتح قنوات بديلة عبر المنصات الرقمية .باختصار، لم يكن عام 2024 مجرد فترة إنتاج مكثف، بل كان لحظة فاصلة في تاريخ السينما المغربية، حيث بدا جليّاً أن القطاع يمتلك الآن الصوت والموهبة والخبرة اللازمة للولوج إلى آفاق احترافية جديدة. يبقى بناء الاستمرارية مرهوناً بتضافر جهود الفاعلين كافة: المؤسسات والمركز السينمائي ووزارة الثقافة والمهنيين، من أجل نقل هذا الزخم إلى تحوّل دائم ومستدام.

Leave a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *