في المغرب، تستمر السيتكومات الرمضانية رغم إعلان المسؤولين سابقًا وقفها. رغم إعلان فيصل العرايشي، المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، في لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب عام 2021 عزمه حذف هذه الأعمال من البرمجة الرمضانية، لم يتحقق أي تغيير يُذكر، مما يؤكد أن إعلان “الإيقاف” لم يكن أكثر من تصريح شكلي .
يرجع استمرار هذه السيتكومات الخفيفة ضعفيتها إلى اعتمادها على تمويل حكومي شبه مضمون عبر شبكات بث مثل 2M والقناة الأولى (SNRT)، ما يجعل المنتجين يفضلون الكم الزمني على الجودة الفنية. كما عبّر أحد مستخدمي Reddit عن هذه الحقيقة بقوله: «السبب الحقيقي في فشلها هو المال المدعوم»، والإنتاج يتمُّ «بأسوأ السيناريوهات… ويصرفون في جيوبهم» .
غياب المنافسة الفعلية يعزز بقاء هذه الأعمال على الهواء. القنوات الرسمية لا تواجه ضغوطًا من السوق أو جمهور واسع متطلبات بالإبداع، مما يخلق بيئة مريحة لتكرار نفس القوالب والشخصيات. كما قال نقاد مغاربة إنهم يعترفون بـ”حموضة” هذه السيتكومات وتافهتها وتنميطها، ومع ذلك تظل جزءًا من تركيبة الجمهور .
الجمهور نفسه منقسم: فئة من كبار السن تجد في هذه الأعمال نوعًا من الترفيه البسيط، بينما الشق الآخر، خاصة من الشباب، يعبر عن استياء واضح من الرداءة الكلية: «القصص الركيكة والتمثيل البارد والتكرار الكريه». ورغم ذلك، تبقى نسب المشاهدة للموسم الرمضاني ثابتة، مما يشجّع على إنتاجها سنويًا.
يبقى قطاع الكوميديا هذا عاجزًا عن التطور لغياب الاحترافية الحقيقية؛ حيث يفتقر إلى كتاب ومخرجين محترفين، وقنوات تعليمية منهجية كالتي نشأت في مصر أو كوريا. وفيه كثير من الأسماء التي وصلت عبر علاقات ولا تمتلك رؤية إبداعية متينة .
نظام الموسم الرمضاني نفسه يفاقم الوضع، فهو يفرض ضغطًا على الكتابة والإنتاج لتقديم محتوى سريع دون عمق أو تفكير، ما يولّد أعمالًا شكلية ومكرّرة بلا إنجازات فنّية تثبت ذاتها.
وعلى الرغم من هذه الأوضاع، بدأت تظهر محاولات شبابية وكوميديون مستقلين يستثمرون المنصات الرقمية لتقديم محتوى مختلف ومبتكر. على سبيل المثال، حققت سلسلة “Si El Kalala” على اليوتيوب ملايين المشاهدات بفضل جرأتها وصدقها.
بخلاصة: استمرار السيتكومات المغربية رغم الإعلانات الرسمية عن وقفها، ليس قصّة إعلام فقط، بل نتاج لفجوة بين الموارد والرقابة الفنية الحقيقية، وجمهور غير متطلب، ونظام بث يعتمد على الكمية. ولتحقيق قفزة نوعية حقيقية، يجب أن يرتكز المستقبل على بناء منظومة إنتاج محترفة بمنافسة حقيقية، وتطوير الكُتّاب والمخرجين، وتحديث آليات الدعم لتتماشى مع تطلعات الجمهور الذي يبحث عن الفكاهة الذكية والصادقة—ضحكة مستندة إلى واقعنا، لا إلى نص تالٍ من قالب زمني مستهلك.


